▪الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه المبين: “قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” [الجمعة -٨].
والصلاة والسلام على الرؤوف الرحيم محمد ابن عبد الله -صلى الله عليه وسلم -القائل: “تذكروا هادم اللذات الموت” صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين .
أمابعد
فيا إيها الناس اتقوا الله تعالى حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم وإنكم عند انتقالكم من الدنيا لابد أن يمتحنكم ويسألكم ويجازيكم فمن كان في الدنيا ثابت على الإيمان والتوحيد والاتباع، والاتباع للرسول -صلى الله عليه وسلم- وسائرًا على الصراط المستقيم ثبته الله عند مماته بالقول الثابت ، وبشر بالفوز والنعيم ومن كان في هذه أعمى معرضًا عن الله وعن طاعته وطاعة رسوله فلابد أن يلاقي .ما قدمت يداه
عباد الله اسمعوا هذا الخبر العظيم الذي ترتجف منه القلوب وتخشى بسماعه النفوس ويقول المؤمن عند سماعه اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتناوهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب خبرٌ قاله محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى قاله لأصحابه فاسمعوا ذلك يا عباد الله ، قال -صلى الله عليه وسلم-: ” إذا قبر الميت أنها ملكان فيجلسانه فيقولوا له : من ربك ؟ فيقول المؤمن : ربي الله ، فيقولان : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام ، فيقولان له : ماهذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله ،فيقولان له : وما يدريك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله وآمنت به وصدّقت ، فينادي منادٍ من السماء : أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابًا من الجنة فيجد من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره ، وأنا الفاجر أو الكافر فإذا سأله الملكان : من ربك؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ ، قال : هاه هاه لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته فيضربون بمطرقةٍ من حديد يسمعها كل شيءٍ إلا الإنس والجن ولو سمعوها لصعقوا فينادي منادٍ : إن كذب عبدي فافرشوه من النار وافتحوا له بابا من النار وألبسوه من النار وافتحوا له بابا من النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ، فلا يزال معذبًا حتى تقوم الساعة “
عباد الله استعيذوا بالله من عذاب القبر وخاصةً في آخر صلاتكم قبل أن تسلموا كما علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ،ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ،أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
▪الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين الرحيم بعباده والصلاة والسلام على من بعثه الله نذيرًا وبشيرًا وسراجًا منيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه صلى الله عليه وسلم .
عباد الله أما والله لو نشر لكم أهل القبور، وخرجوا من قبورهم فحدثوكم بما وصلوا إليه من عظائم الأمور، وما رأى من مشاهد في القبور، لقالوا : قد وجدنا ما وعدنا ربنا ورسوله حقًا ، ولن نفقد من أعمالنا مثقال ذرةٍ من خيرٍ أو شر ، فأصبحنا مرتهنين صدقًا ، أما طائعنا ومؤمننا فقد سُر واغتبط بعمله ولقي الفوز والروح والريحان ، وأما عاصينا وفاسقنا فقد باء بالخيبة والخسران والهوان ، يتمنون الرجوع للدنيا ليتوبوا ، ويودون لو مكنوا ليعملوا صالحًا وينيبوا ،
وأنتم ياعباد الله إلى ما صاروا إليه صائرون وبكأس الحمام الذي يدور على الخليقة شاربون فتوبوا إلى ربكم ما دمتم في زمن الإمهال ، وتقربوا إليه بما استطعتم من صالح الأعمال ، وسلوا الله العافية في دينكم والثبات على الإسلام والسنة ،
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ” لَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ*” [ الواقعة ٨٣-٩٦].
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل ، اللهم ارحم والدينا كما ربونا صغارًا ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ياذا الجلال والإكرام ، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف الغنى ، اللهم ثبتنا على الإسلام والسنة ، اللهم ثبتنا على الإسلام والإيمان والسنة، اللهم صلّ على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين وارضى اللهم عن خلفاءه الراشدين وأتباعه وصحابته أجمعين، والحمد لله رب العالمين