...
▪️الخطبة الأولى: 
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه العظيم  : “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ” [المجادلة -١١].
والصلاة والسلام على رسول الله القائل : “من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين” ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعدُ : فياعباد الله اتقوا الله تعالى ، وتعلموا العلم ؛ الذي به تعرفون دينكم ، وعقيدتكم ، وكيف تحققون عبادة ربكم ؛ فإن طلب العلم واجبٌ على  كل مسلمٍ ومسلمة ، ولا ينال العبد سعادة الدارين ، وانشراح الصدر ، وطمأنينةُ القلب إلا بالعلم ؛ ولهذا فرضه الله تعالى على عباده، حيث قال الله تعالى: “فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ” [محمد-١٩]. 
ومن أراد الله به خيرًا وفقه للفقه في الدين عقيدةً ، وعبادةً ،ومعاملات ، وقد جاءت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة تبين فضل العلم الشرعي ، ومكانة أهله ،ومنزلتهم الرفيعة ،فقال عز وجل: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” [فاطر-٢٨].
وقال الله تعالى: “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ” [الزمر-٩].
وقال تعالى :“فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” [النحل-٤٣].
وقال الله تعالى : “شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ” [آل عمران-١٨].
وبيّن الله تعالى أنه لا نجاة للناس من الفتن والتقلبات إلا بالإرتباط بالعلم والعلماء قال تعالى : “وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا” [النساء-٨٣].
ومن رحمة الله تعالى بالعباد أنه قضى وقدر بمشيئته بقاء طائفةٍ من أهل العلم يصلح الله بهم العباد والبلاد  ، ويدرؤون عن الناس تأويل المفسدين ، وآراء أهل الأهواء والمبتدعين ، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة “ وهم أهل العلم المتابعون للكتاب والسنة وماكان عليه سلف هذه الأمة ،وعلى رأسهم الصحابة الأكرمون والخلفاء الراشدون ، والتابعون لهم بإحسان، وأئمة الدين والسنة ، وكل من سار على سبيلهم  من الدعاة إلى السنة وعلماء الأمة ، وهم أهل الحديث ، وهم السلفيون ،وهم المجددون ؛الذين يجددون لهذه الأمة دينها ، ويعز الله بهم أهل الإسلام ، كالإمام المبجل إمام أهل السنة والجماعة أبي عبد الله أحمد ابن حنبل، وكشيخ الإسلام المجدد أحمد ابن تيمية الحراني الدمشقي ، و كشيخ الإسلام المجدد الإمام محمد ابن عبد الوهاب -رحمهم الله تعالى- ومن سار على مسلكهم من علماءنا الربانيين رحم الله من مات منهم وحفظ الله الأحياء ونفع بهم الأمة، 
أولٰئك هم أهل السنة والعلم والعلماء الذين تبيض وجوههم يوم القيامة ؛ حيث قال تعالى : “يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ” [ آل عمران -١٠٦].  
قال ابن عباسٍ -رضي الله عنهما – ترجمان القرآن : “فأما الذين ابيضت وجوههم فأهل السنة والجماعة وأولوا  العلم ، وأما الذين اسودت وجوههم فهم أهل البدع والضلالة”.
 
 وهم أولوا الأمر الذين أوجب الله على العباد طاعتهم قال تعالى: “أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ” [النساء-٥٩].
قال عطاءٌ -رحمه الله -: “أولوا الفقه وأولوا العلم وطاعة الرسول أتباع الكتاب والسنة”
وقال مجاهدٌ -رحمه الله – : “أهل العلم وأهل الفقه “ 
وقال ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- : “يعني أهل الفقه والدين ، وأهل طاعة الله ؛ الذين يعلمون الناس معاني دينهم ، ويأمرونهم بالمعروف،  وينهونهم عن المنكر فأوجب الله سبحانه طاعتهم على عباده”.
كل ذلك ياعباد الله يتبين من خلاله فضل العلم والعلماء وأهله .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ،ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ،أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
 
▪️الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين وقائد الغر المحجلين نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين .
عباد الله إن الخير كل الخير، والسعادة كل السعادة هو بالإرتباط بالعلم وأهله والعلماء ، وهذا الذي به صلحت الأمة ، وسعدت في أول عهدها ، وفي كل عهدٍ ما كانت مرتبطةً بالعلماء ؛ كما قال الإمام مالكٌ -رحمه الله -:”لا يُصلِحُ الله آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها” فإذا ذهب العلم والعلماء ، أو ترك الناس العلم وعلماءهم ، وبدلوا بذلك صغارهم ، وأهل الضلالة والزيغ فهذا من علامات الساعة ، وعلامة هلاك الناس وكثرة الشر فيهم ؛ فإنه بذلك يكثر الجهل ، وتكثر الفتن ويتخبط الناس في فتن الشبهات والشهوات ، وعندها لا يميزون بين الخير والشر ولابين الهدى والضلال ، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-:”إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا من صدور العلماء ولكن بقبض العلماء حتى إذا لم يبقِ عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير هلمٍ فضلوا وأضلوا”
وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه -: “لا يأتي يوم الا وهو شر من الذي قبله حتى تقوم الساعة لست أعني رخاءًا من العيش يصيبه ،ولا مالًا يبيده، ولكن لايأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علمًا من اليوم الذي قبله ،فإذا ذهب العلماء استوى الناس فلا يأمرون بالمعروف ، ولا ينهون عن المنكر فعند ذلك يهلكون”
فيا عباد الله إن العلم والارتباط بأهله أهل السنة والاتباع والتقى ، أمانٌ بعد الله للأمة من تقلبات الفتن والأهواء ، فالزموا غرز العلماء ، واستفيدوا ممن بقي منهم ، حفظ الأحياء منهم ، ورحم من مات منهم قال -صلى الله عليه وسلم-: “الدنيا ملعونة ملعونٌ ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أوعالمًا ومتعلمًا”
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ، اللهم ارزقنا العلم النافع والعمل الصالح ، اللهم ثبتنا على الإسلام والسنة ، اللهم أحينا بالإيمان وأمتنا على الإسلام والتوحيد يارب العالمين ، ياذا الجلال والإكرام ، والحمد لله رب العالمين .
Seraphinite AcceleratorBannerText_Seraphinite Accelerator
Turns on site high speed to be attractive for people and search engines.