خطبة صلاة الاستسقاء – التاريخ: ٢٣ من ربيع الآخر ١٤٤٤ هـ  – لفضيلة الشيخ د. عبد الله بن صلفيق الظفيري (حفظه الله)
 
الحمد لله فاطر السموات والأرض بيده الخير ، يعطي ويمنع ويفقر ويغني ، ويرزق من يشاء بغير حساب ، إلٰه الأرض والسموات ، القائل في كتابه العزيز: “وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ۚ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ”[الشورى-٢٨].
والصلاة والسلام على رسول الله ، الذي كان يتضرع إلى ربه ، ويستسقي ربه ، خرج إلى المصلى متضرعًا خاشعًا إلى ربه يرجو رحمته، ويخشى عذابه ، وأخذ يدعوا ربه، واستقبل القبلة ، وحول رداءه ؛ تفاؤلًا بتغير الحال ثم صلى ركعتين، وكان -صلى الله عليه وسلم-  اذا كان يوم الريح والغيم عُرف ذلك في وجهه ، فأقبل وأدبر، فإذا مطرت سر به وذهب عنه ذلك ،قالت عائشة فسألته فقال : ” إني خشيت أن يكون عذابًا سُلّط على أمتي ،” وكان يقول إذا رأى المطر : “رحمة” ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين. 
 
عباد الله  إنكم خرجتم اليوم إلى المساجد تستسقون ، وتتضرعون ، لخالقكم وربكم الرحمن الرحيم، تطلبون منه الغيث للعباد والبلاد وأن يرزقكم ، ويرزق بهائمكم فيا عباد الله اتقوا الله واحمدوه واشكروه واعبدوه، واعلموا أنه ما نزل بلاء وقحط الا بذنب ، وما رفع الا بتوبة ، وما جُلبت الخيرات ، ودُفعت الشرور بمثل الاستغفار والإنابة والرجوع إلى الرحمن قال ربنا عز وجل : “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ”[الأعراف-٩٦].
وقال ربنا الرحمن : “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” [الأنفال -٣٣].
وقال تعالى:”فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا” [نوح/١٠-١٥].
عباد الله نبينا النذير البشير قد أخبرنا بخبرٍ عظيم تهتز له القلوب ، وترجع فيه النفوس إلى ربها فقد صح عنه أنه قال : “يا مَعْشَرَ المهاجرينَ ! خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ : لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ ؛ حتى يُعْلِنُوا بها ؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا ، ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم ، ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا ، ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم ، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم ، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم”
 
فيا عباد الله  اتقوا الله ،اتقوا الله، اتقوا الله، وعودوا لرشدكم ، واتركوا معاصي ربكم ، وادعوا الله واكثروا من الاستغفار؛ فلقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج للمصلى يستقبل القبلة ، ويدعوا ربه ،ويقلب رداءه ثم يصلي ركعتين، فاقتدوا  ينبيكم – صلى الله عليه وسلم-  وتأسوا به وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، تطمعون في رحمته مستيقنين بإجابته راجين رحمته وفضله واسع ، وكان يعطي ظهره -صلى الله عليه وسلم- الناس ويستقبل القبلة ويدعوا ، فتأسوا بنبيكم -صلى الله عليه وسلم- وقوموا داعين ،رافعين أيدي الضراعة إلى الرحمن أن يستجيب دعاءكم.
اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا،  اللهم أغثنا غيثًا مريئًا هنيئًا غدقًا نافعًا  ، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك ، نستغفر الله ،نستغفر الله ، نستغفر الله ، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا نرجوا رحمتك ونخشى عذابك ،اللهم إنا نرجوا رحمتك ونخشى عذابك ، اللهم إنا نرجوا رحمتك ونطمع في فضلك ونخشى عذابك ،لا إلٰه إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، لا إلٰه إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.