الحمدلله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وأصحابه أئمة الهدى ومصابيح الدجى،،،، أما بعد:
فإن أعظم المبشرات هو رجوع الناس للقرآن وتعاليم الإسلام والعمل به وللتوبة النصوح والاعتبار والاتعاظ بآيات الله والبأساء التي يرسلها الله،كما قال عز وجل (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)
وهذا هو المقصد من البأساء والضراء التي يرسلها رب العالمين على العباد كما بين الله في القرآن (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون، فلولا – أي هلا – إذ جاءهم بأسنا تضرعوا)
وأما مانسمعه ونقرأه من بعض الدعاة وبعض المحسوبين على العلم في نشر البشاير من رؤى رأوها
أو رؤى نقلت إليهم فيفسرونها بارتفاع الوباء ومرض الكورونا عن العالم ،ثم ينشرون كلامهم بين الناس،فهذا ليس من الفقه،لأنه يؤدي إلى تهاون الناس في الزواجر والقوارع، وعدم الاعتبار والاتعاظ بالآيات والمواعظ، ويؤدي لربط الناس وتعلقهم بالرؤى وإبعادهم بشكل غير مباشر عن القرآن ومواعظه.
نعم يفرح المؤمن برفع البأساء والبلاء عن الناس، ويرجو من الله ذلك، ويدعو ربه في نفسه بذلك، ولكن الأهم من ذلك هو رجوعهم لله واعتبارهم واتعاظهم بآيات الله.
انظر لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً فقال له: (وحق الله على العباد أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً) قال له معاذ: أفلا أبشر الناس؟ قال لا تبشرهم فيتكلوا.
فالرسول صلى الله عليه وسلم يحب البشرى، ويحب أن يبشر الناس، ولكن هنا تحقيق مصلحة أعظم من البشرى، وهو العمل، ودرء مفسدة كبرى وهو اتكالهم على البشرى وترك العمل.
ولهذا لو نظرنا إلى علمائنا نجدهم لا يهتمون بمثل هذه الرؤى بمثل مايهتمون برجوع الناس إلى ربهم وحثهم على التوبة النصوح، وتذكيرهم بحق الله عليهم، وتخويفهم بترك المعاصي والمنكرات والمحرمات.
وهذا هو الفقه والعلم والحكمة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن صلفيق الظفيري
الأربعاء غرة شعبان ١٤٤١